
خَبَأْتُ كَلاَمَكَ فِي قَلْبِي، لِئَلاَّ أُخْطِئَ إِلَيْكَ. مزمور ١١:١١٩
سِرّ الراحة السماويّة
٣. صِلة أسبوعية مع السيّد المسيح
بعد أنْ خلق السيّد المسيح العالم في ستة أيّام (كولوسي ١: ١٦، ١٧)، وفّر للبشرية يوم السبت للراحة، وهو فرصة أسبوعية رائعة بالنسبة لنا لنعمّق ارتباطنا به ولنجد الراحة التي نحتاج إليها، راحة العقل والجسد والروح.
”وَرَأَى اللهُ كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدًّا. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا سَادِسًا. فَأُكْمِلَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَكُلُّ جُنْدِهَا. وَفَرَغَ اللهُ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. فَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. وَبَارَكَ اللهُ الْيَوْمَ السَّابعَ وَقَدَّسَهُ، لأَنَّهُ فِيهِ اسْتَرَاحَ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ اللهُ خَالِقًا“ (تكوين ١: ٣١ – ٣:٢).
السيّد المسيح، الخالق، ”استراح“ في أوّل يوم سبت مع آدم وحواء، و”بارك“ اليوم السابع و”قدّسه“. لقد أفرز السيّد المسيح اليوم السابع (السبت)، وهو آخر عمل مِن أعمال الخليقة، باعتباره يوماً خاصّاً كلّ أسبوع لنقضي هذا اليوم معه وننال الراحة الجسدية والروحية.
وبدخول الخطيئة إلى العالم أصبحت حاجتنا إلى السبت أعظم وأشدّ. فالمخلّص الذي خلق السبت في عدن هو نفسه الذي أعطى الوصايا العشر لموسى على جبل سيناء (١ كورنثوس ١٠: ١ – ٤) بعد حوالي ألفي عام. وضع السيّد المسيح وصية السبت ــ الراحة في قلب شريعته، إذ تنصّ الوصية الرابعة على التالي:
”اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ. سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ وَتَصْنَعُ جَمِيعَ عَمَلِكَ، وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابعُ فَفِيهِ سَبْتٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ. لاَ تَصْنَعْ عَمَلاً مَا أَنْتَ وَابْنُكَ وَابْنَتُكَ وَعَبْدُكَ وَأَمَتُكَ وَبَهِيمَتُكَ وَنَزِيلُكَ الَّذِي دَاخِلَ أَبْوَابِكَ. لأَنْ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا، وَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ. لِذلِكَ بَارَكَ الرَّبُّ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَدَّسَهُ“ (خروج ٢٠: ٨ – ١١).

يطلبُ الله مِنّا أنْ نحفظ يوم السبت مقدّساً باعتباره يوماً مِن كلّ أسبوع ”نذكر“ فيه ذاك الذي ”خلق السموات والأرض“. وهكذا، فإنّ راحة السبت تربطنا بالخالق الذي بارك هذا اليوم وأفرزه وقت الخليقة.
نجد أنّ السيّد المسيح في حياته هنا على الأرض قد تعبّد يوم السبت (اليوم السابع مِن الأسبوع) كما يُخبرنا لوقا البشير:
”وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ حَيْثُ كَانَ قَدْ تَرَبَّى. وَدَخَلَ الْمَجْمَعَ حَسَبَ عَادَتِهِ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَامَ لِيَقْرَأَ“ (لوقا ٤: ١٦).
فإنْ كان السيّد المسيح، وهو الذي يحمل الطبيعتَين البشرية والإلهية، قد احتاج إلى الراحة في محضر أبيه السماوي يوم السبت، فكم بالحريّ نحن البشر بحاجة للقيام بذلك أكثر منه؟ عندما أزال السيّد المسيح القيود الطقسية والناموسية القائمة على حرفية الشريعة والخالية مِن المعنى والتي كان اليهود قد أضافوها إلى حفظ يوم السبت (متى ٢٠: ٨ – ١١)، عندئذ أشار إلى أنّ الله قد خلق السبت لأجل الإنسان وليس كَحِمْل إضافيّ وعبء على حياته:
”ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: السَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ الإِنْسَانِ، لاَ الإِنْسَانُ لأَجْلِ السَّبْتِ. إِذًا ابْنُ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ أَيْضًا“ (مرقس ٢: ٢٧، ٢٨).
حتّى مِن خلال موته، أشار السيّد المسيح إلى أهمّيّة السبت، إذ تُوفّي يوم الجمعة ”يوم الاستعداد“ حيث ”كَانَ يَوْمُ الاسْتِعْدَادِ وَالسَّبْتُ يَلُوحُ“ (لوقا ٢٣: ٥٤). ثمّ استراح السيّد المسيح في القبر يوم السبت. وتماماً مثلما أكمَلَ عمل الخلق في اليوم السادس ثمّ استراح في اليوم السابع، كذلك أيضاً فقد أكمَلَ عمله الخلاصي على الصليب في اليوم السادس، واستراح في القبر في اليوم السابع (لوقا ٢٣: ٥٠ – ٥٦).
إنّنا نحتفل في يوم السبت مِن كلّ أسبوع باثنين مِن أعظم إنجازات السيّد المسيح تجاهنا هما: الخلق والفداء (الإنقاذ مِن الخطيئة).
لمتابعة الدرس إضغط هنا!