
خَبَأْتُ كَلاَمَكَ فِي قَلْبِي، لِئَلاَّ أُخْطِئَ إِلَيْكَ. مزمور ١١:١١٩
مِن خاطئ مُذنِب إلى قدّيس نال الغفران
٢. لقد جاء المسيح في الوقت المُحدّد
قبل أكثر مِن ٥٠٠ سنة مِن مجيء السيّد المسيح إلى عالمنا هذا، تنبّأ دانيال، نبيّ العهد القديم، بموعد ظهوره ومسحه باعتباره المسيّح المُنتظَر. ولذلك، فعندما نال السيّد المسيح المعمودية (متى ٣: ١٦) وبدأ يبشّر الناس، أعلن قائلاً:
”قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللهِ، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ“ (مرقس ١: ١٥).
لقد سجّل لوقا تاريخ معمودية السيّد المسيح في ”...السَّنَةِ الْخَامِسَةِ عَشْرَةَ مِنْ سَلْطَنَةِ طِيبَارِيُوسَ قَيْصَرَ“ (لوقا ٣: ١). بالنسبة إلينا، تلك السنة كانت السنة الـ ٢٧ مِن ميلاد المسيح. لقد ظهر السيّد المسيح في الوقت المناسب تحقيقاً لنبوءة الكتاب المقدّس. فمعموديته ومسحه مخلّصاً لنا حدثا تماماً في الوقت الذي تنبّأ به دانيال. فلقد ذكرَت النبوءة:
”فَاعْلَمْ وَافْهَمْ أَنَّهُ مِنْ خُرُوجِ الأَمْرِ لِتَجْدِيدِ أُورُشَلِيمَ وَبِنَائِهَا إِلَى الْمَسِيحِ الرَّئِيسِ سَبْعَةُ أَسَابِيعَ وَاثْنَانِ وَسِتُّونَ أُسْبُوعًا، يَعُودُ وَيُبْنَى سُوقٌ وَخَلِيجٌ فِي ضِيقِ الأَزْمِنَةِ“ (دانيال ٩: ٢٥).
بحسب نبوءة الكتاب المقدّس، كلّ (يوم) واحد في الزمن النبويّ يساوي حرفيّاً سنة كاملة (حزقيال ٤: ٦؛ العدد ١٤: ٣٤). سبعةُ أسابيع واثنين وستين أسبوعاً يكون مجموعها تسعة وستين أسبوعاً أو ٤٨٣ يوماً (٧ × ٦٩ = ٤٨٣ يوماً). لذلك فإنّ هذه الـ ٤٨٣ يوماً نبويّاً تساوي ٤٨٣ سنة فعليّة. لقد تنبّأ دانيال بأنّ المسيح سوف يظهر بالضبط بعد ٤٨٣ سنة مِن صدور المرسوم بإعادة بناء القدس.

هل ظهر يسوع بوصفه المسيح المُنتظَر في الوقت المُحدّد؟
في العام ٤٥٧ قبل الميلاد أصدر (أَرْتَحْشَسْتَا) مرسوماً لإعادة بناء القدس (عزرا ٧: ٧ – ١٣، ٢١ – ٢٦). وبالتالي فإنّ فترة الـ ٤٨٣ سنة انتهت في السنة الـ ٢٧ بعد الميلاد (على الرغم مِن أنّ ٤٥٧ قبل الميلاد + ٢٧ بعد الميلاد = ٤٨٤ سنة، فقد صدر المرسوم خلال العام ٤٥٧ قبل الميلاد، وتمّ مسح المسيح خلال العام الـ ٢٧ بعد الميلاد، ممّا يجعلهما عامين جزئيّين، وبالتالي فإنّ الفترة الزمنية الصحيحة تكون ٤٨٣ سنة).
في الوقت المحدّد ذاته، أي العام ٢٧ بعد الميلاد، ظهر السيّد المسيح بين الناس ليعلن: ”قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللهِ“ (مرقس ١: ١٥). إنّ التحقيق الدقيق لنبوءة الكتاب المقدّس هذه هو تأكيد مثير للإعجاب على أنّ يسوع الناصري هو بالفعل المسيح الموعود به في نبوءات العهد القديم.
بحسب نبوءة دانيال، فإنّ السيّد المسيح سيقيم عهداً مع ”كثيرين“ بوصفه المسيّا خلال فترة زمنية محدّدة، فما كان طول تلك الفترة؟
”وَيُثَبِّتُ عَهْدًا مَعَ كَثِيرِينَ فِي أُسْبُوعٍ وَاحِدٍ“ (دانيال ٩: ٢٧).
مرّة أخرى، ومِن خلال تطبيق مبدأ يوم (نبوي) = سنة (فعلية)، فإنّ (الأسبوع) المُنبأ به سيكون حرفياً سبع سنوات. لذلك، فالسيّد المسيح سوف ”يُثَبِّتُ عَهْدًا“ أو الوعد الذي قدّمه للبشرية، وذلك لمدّة سبع سنوات، مِن السنة ٢٧ إلى السنة ٣٤ بعد الميلاد. بعد أنْ أخطأ أبوانا الأوّلان، آدم وحوّاء، فإنّ الله صنع معهما عهداً يتضمّن الوعد بأنّه سيخلّص البشرية مِن الخطيئة عبر موت مُخلِّص يقوم الله بإرساله (تكوين ٣: ١٥). وموت السيّد المسيح على الصليب قد أتمّ ذلك الوعد.
ماذا كان سيحدث في منتصف هذا الأسبوع المُنبأ به؟
”وَفِي وَسَطِ الأُسْبُوعِ يُبَطِّلُ الذَّبِيحَةَ وَالتَّقْدِمَةَ“ (دانيال ٩: ٢٧).
صُلِب السيّد المسيح في السنة الـ ٣١ بعد الميلاد. وفي لحظة وفاته، ”وَإِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ“ (متى ٢٧: ٥١). والحَمَل الذي كان على وشك أنْ يُقدّم ذبيحة (كرمز للسيّد المسيح ”حمل الله“) قد هرب مِن يد الكاهن. هذه الأحداث تعني أنّ الله لم يعد يريد مِن البشر تقديم الذبائح الحيوانية. لقد جاء السيّد المسيح لتحقيق النبوءة كما هو مكتوب ولكي ”يُبطِل“ الذبائح الحيوانية (دانيال ٩: ٢٧). فمنذ ذلك الزمان حين مات المسيح، أصبح لدينا إمكانية التواصل المباشر مع الله مِن خلال السيّد المسيح نفسه الذي هو حمل الله ورئيس الكهنة الأعظم.
لمتابعة الدرس إضغط هنا!